
تقاسي أفغانستان منذ سنوات، من شح الموارد المائية وتناقص المياه الجوفية؛ لكن إجراء لم يُتخذ بعد لمواجهة هذه الأزمة وتفاعلاتها.
وتفيد تقارير وزارة الطاقة والمياه في أفغانستان أن منسوب المياه الجوفية بمدينة كابل، قد انخفض خلال السنوات الأخيرة إلى أكثر من 20 مترا.
وفي المقاطعات والقرى الأفغانية، يُلاحظ تراجع كميات المياه الجوفية أيضا، وأن الناس ليس يواجهون نقصا في المياه المستخدمة لأغراض الزراعة فحسب بل يواجهة شحا في مياه الشرب أيضا.
وقال عدد من سكان القرى بأفغانستان لمراسل أن الآبار التي حفروها للاستخدامات الزراعية، قد جفت خلال السنوات الأخيرة، وباتوا مضطرين سنويا لحفر بضعة أمتار أكثر من أجل الوصول إلى المياه.
غير أن تقرير الأمم المتحدة يظهر أن النقص المستمر للمياه الجوفية في أفغانستان لا سيما في العاصمة كابل، يتحول إلى أزمة جادة تتهدد مستقبل العيش في البلاد.
وحذرت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة خلال الأيام الأخيرة من أنه إن لم يتم اتخاذ إجراء، فان المياه الجوفية في كابل ستجف بالكامل بحلول عام 2030؛ التحذير الذي إن لم يتم الاهتمام به، فانه سيجعل الحياة في العاصمة الأفغانية قاسية.
ما هي أسباب تناقص المياه الجوفية؟
وثمة أسباب وعوامل مختلفة، تقف وراء تراجع منسوب المياه الجوفية في كابل وسائر المدن والولايات الأفغانية، يعود جزء منها إلى التغيرات المناخية، والجزء الآخر ناتج عن غياب إدارة الحياة الحضرية والعيش في المدن.
وقد مرّت أفغانستان لثلاث سنوات متتالية، بجفاف شديد ناجم عن التغيرات المناخية. وأدى الجفاف وعدم هطول الأمطار والثلوج، إلى شح الموارد المائية وتراجع منسوب المياه الجوفية وبالتالي تشديد أزمة المياه في البلاد.
واعتبرت الأمم المتحدة أن أحد الأسباب الأخرى التي تقف وراء جفاف المياه الجوفية في كابل، هو “تسارع وتيرة السكن في المدن.”
وعلى الرغم من أن أغلبية سكان أفغانستان يقطنون حاليا، القرى والمناطق الريفية، بيد أن هجرة الناس من القرى إلى المدن لا سيما كابل، تزايدت على مدى العقدين الأخيرين بشكل كبير.
ومع ذلك، لم تستطع الحكومة في أفغانستان إدارة الموجات الواسعة للهجرة من القرى إلى المدن، وتوسيع وتطوير الخدمات الحضرية في المدن بالتوازي مع تزايد وتيرة الطلب على الإقامة في المدن.
وهذا القصور الإداري، أسفر عن سكن الملايين من الناس في ضواحي المدن، والقيام ببناء وتشييد المباني والمنازل في غياب وجود خطة حضرية عامة والمعايير اللازمة، وللوصول إلى المياه، يقومون بحفر الآبار عشوائيا.
إن الحفر العشوائي للآبار في المدن وضواحيها، في سبيل الحصول على مياه الشرب وللأغراض الزراعية تسبب على مدى العقدين الأخيرين في انخفاض حجم المياه الجوفية في كابل وسائر المدن الأفغانية واستفحال أزمة ندرة المياه.
وقد ازداد عمق هذه الآبار على مدى السنوات الأخيرة، ووصل في بعض المناطق إلى 300 متر، وبالتالي انخفت كميات المياه الجوفية أكثر فاكثر، وقد يصبح من المستحيل الوصول إليها بعد بضع سنوات من الان.
ما هي التداعيات؟
وكان لنقص إمدادات المياه الجوفية وشح المياه، تبعات واسعة النطاق على حياة الشعب الأفغاني، وتحول إلى أزمة جادة تهدد مستقبل الحياة في المدن بأفغانستان.
ومن التداعيات الرئيسية لتراجع إمدادات المياه، يمكن الإشارة إلى زيادة الجوع وانخفاض إمكانية حصول المواطنين الأفغان على الغذاء.
وتعتمد حياة معظم الأسر في أفغانستان على الزراعة ومحاصيلها، غير أن نقصان المياه أضر ضررا بالغا بالزراعة في البلاد، وخفض كميات المحاصيل الزراعية بصورة لافتة، وصار من الصعب للمواطنين الحصول على الطعام ما زاد من نسبة الجوع وأعداد الجياع.
كما أثرت ندرة المياه على صحة المواطنين الأفغان وأدت إلى تفشي الكثير من الأمراض بينهم.
ويفيد تقرير للأمم المتحدة أن أزمة نقص المياه أسفرت عن ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض من قبيل الكوليرا والإسهال الحاد والإسهال الدموي؛ لان إمكانية حصول الناس على المياه الصالحة للشرب قد تضاءلت.
وقالت الأمم المتحدة أن هذه الأمراض تؤثر بشكل أكبر على النساء والأطفال، وازداد بالتالي الضغط على النساء لكونهن المسؤولات عن إحضار مياه الشرب لمعظم الأسر.
ومع ذلك، لم تتخذ الحكومة الأفغانية السابقة وحكم طالبان الحالي، إجراءات للتصدي لهذه الأزمة الجادة التي تهدد مصير المواطنين الأفغان أكثر من أي ظاهرة أخرى.
ومثلما أن أزمة نقص إمدادات المياه تهدد مستقبل العالم برمته، فانها تلقي بظلالها القاتمة أيضا على أفغانستان ومواطنيها، مع اختلاف أن الأزمة الحالية التي تعصف بافغانستان، دخلت مرحلة جادة، وستكون تداعياتها المدمرة سريعة في حالة عدم اتخاذ الإجراءات الملائمة لمعالجتها.
انتهى
التعليقات