
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة 4 جمادى الآخرة، الموافق 7 ديسمبر، بعنوان: “لغة القرآن والحفاظ على الهوية”، مشيرة إلى أن هدف هذه الخطبة التثقيف جمهور المسجد عن الاهتمام الكبير باللغة العربية وتعليم الأجيال إتقانها، ولفت انتباه الجمهور إلى أن إتقان اللغة العربية هو ما يحمي من الإرهاب ويفتح فهم العالم كنوز أنوار القديس. القرآن ومعانيه العظيمة.
انطلاق فعاليات المسابقة الدولية للقرآن الكريم
وأكدت الوزارة أن اختيار هذا الموضوع يتزامن مع انطلاق فعاليات المسابقة الدولية للقرآن الكريم في دورتها الحادية والثلاثين، والتي ستنطلق يوم السبت المقبل، تأكيدا على دور اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم وركيزة أساسية في حفظها. الهوية الإسلامية.
خطبة الجمعة
وفيما يلي نص خطبة الجمعة:
“لغة القرآن والحفاظ على الهوية: الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، حمداً يكفي نعمته ويزيد ثواباً، وأشهد أنه لا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا قرة قلوبنا وقرة أعيننا وتاج رؤوسنا محمد عبده ورسوله ومصطفاه. . خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وخاتما للأنبياء والمرسلين، ليشرح صدره، ويرفع قدره، ويكرمنا به وجعلنا أمته . اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد: اللغة العربية. بداية بناء الحضارة وخلق الفكر والارتقاء بالذوق والخوض في مجالات الجمال. اللغة العربية هي ما يقوي الفكر. اللغة العربية هي ما يحمي العقل من الأخطاء. اللغة العربية هي البداية لاستخراج معاني القرآن المفيدة للعقل والفكر. وللذوق فإن اللغة العربية معصومة من الإلحاد والإرهاب. اللغة العربية هي الأمن القومي. اللغة العربية قوة وبداية. وللتقدم والرقي اللغة العربية ثقافة وجمال وحياة.
أيها الناس احترزوا من لغة القرآن. أليست اللغة العربية لغة المعجزات التي اختارها الله تعالى أداةً؟ ومن عظيم كلامه يقول ربنا سبحانه: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لتفهموه}، ويقول سبحانه: {وكذلك جعلنا وأنزلنا عليه قرآنا عربيا وأنزلنا فيه جانبا من وعدهم أن يتقوا أو يأتيهم بذكرى. للعالمين * نزله الروح الأمين * في قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين}.
أليست اللغة العربية هي التي تفتح كنوز فهم تفسيرات القرآن، وتكشف لنا أسراره، وتكشف درره، وترشدنا إلى أهدافه؟ ومن أتقن اللغة العربية فهو وارث كريم لمحمد، سلك طرق الوصول. اسأل الرازي كيف انفتح المئات من الناس أمام عينيه. مشاكل وأسرار وأضواء في معيشتك مع سورة الفاتحة؟ اسأل عبد القاهر الجرجاني كيف اخترع نظرية النظم التي حيرت العقول والأفهام، وجعلت العالم ينحني له خشوعاً. لغة القرآن؟ بل تعمق في عقل الطاهر ابن عاشور وهو ينقلك بين حدائق اللغة لتطلق العنان لمقاصد الشريعة ومقاصدها في مزيج عبقري فريد. وقبل ذلك كان هناك السيوطي المزدهر الذي جمعت له علوم اللغة ليخرج تحفته المحفوظة “ماجستير علوم القرآن” وكانت مليئة بأسرار اللغة وأشياء أخرى .
يا محمد! أما أدركت أن اللغة النبوية قد أوتيت خلاصة الكلمات؟ نبيلة من أنفاس قداسته صلى الله عليك وسلم؟ فالحديث النبوي يكفي لرسم صورة لغوية فريدة لا تضاهى، ولا بد من استخراج اللؤلؤ منه. وعلى ذلك اللؤلؤ تقوم العلوم والمعارف. عش بعقلك وقلبك مع أرباب اللغة، وتأمل إنتاجهم العلمي، وتراثهم الفكري، لينكشف لك. وتشمل كتبه الأسرار والأضواء الموجودة في القرآن. ليذهل عقلك وقلبك، وحينها لن يكون أمامك إلا أن تقول: {كلا نرزق هؤلاء وأولئك من عطاء ربك وما هو من عطاء ربك إن الله على كل شيء قدير}. مُحرَّم}.
انظر إلى مكتبات العالم التي تزخر بملايين المصنفات اللغوية ومشكلاتها، عش مع فهارس ملايين المخطوطات في مختلف العلوم لتطلع عليها. كيف نشأت حضارة لا تنضب فوائدها؟ بل تأمل معي كيف يُبنى الإنسان في دوائر الأزهر وأعمدة جامع الزيتونة ودروس… مدرسة الفاتح، ثم اذهب إلى نواكشوط لتسمع ألفية ابن مالك في شوارعها، وغنّى الأطفال وردّدوها في أحد المشاهد. مذهل، وكأني أقول لك الآن: يا خالق هذا الجمال، سبحانك!
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ذلك: اللغة العربية ليست أداة تواصل فحسب، بل هي حاملة للتراث الإسلامي والفكر العربي. اللغة العربية هي. هويتنا هي عصمة هويتنا، هي حصن هويتنا، هي تراثنا، هي تاريخ أجدادنا، هي حاضرنا، هي مستقبلنا. والمرغوب فيه، وإذا كانت كل أمة تعتز بلغتها كثيراً وتغار عليها؛ لأنها رمز ملكه ودليل بقائه وعنوان شخصيته والطريق إلى مجده. ترى أن الإنجليز فخورون جدًا باللغة الإنجليزية. ونشروها في كل أنحاء العالم، والفرنسيون واليابانيون أيضاً، فكيف باللغة العربية التي اختارها الله تعالى لتكون لغة القرآن العظيم ومفتاحاً لفهم سنة النبي الأمين التي صلوات ربي وسلامه عليه؟! إن الاهتمام باللغة العربية ليس رفاهية، ولا هو مكمل ولا إضافي. بل هو في قلب معالجة أزماتنا المعاصرة. بناء وعي واسع ومنطق بليغ يفهم البنى اللغوية ويدرك معاييرها. حتى ينتقي أحلى الكلمات مع الخواطر التي تستقيم العقل.
يا أهل مصر المحروسة أرجعوا للغة العربية مجدها وكرامتها. عززوا عقول أطفالكم بتعلم اللغة العربية. في لغة القرآن، ليكن هدفك الوصول إلى الأجيال الجديدة في عالم التواصل الاجتماعي، مدى حبهم للغة وتعلقهم بجمالياتها. استعادة شخصية مصر، لأن الشخصية المصرية تسعى إلى هيبتها بلغتها الجميلة. اللهم علمنا ما ينفعنا. استفد مما علمتنا واحمي بلادنا وارفع رايتها في العالمين.
التعليقات