
يضرب التمييز والتعنت بجذورهما العميقة في التاريخ الأفغاني، وكانا وراء جزء من الصراعات والتدهور الأمني طويلي الأمد في البلاد؛ لكن وبعد هيمنة طالبان مجددا على أفغانستان، اتخذ التمييز والممارسات التمييزية، أبعادا جديدة، ما استدعى تحذيرا من الأمم المتحدة بهذا الخصوص.
وعبر المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت، في أحدث تقرير له عن قلقه من تداعيات ممارسة التمييز العرقي والطائفي في أفغانستان.
وتطرق المقرر الخاص للأمم المتحدة في تقريره إلى التبعات الخطيرة للسلوكيات التمييزية والعنف المبني على التمييز والتعنت العرقي والطائفي.
وركز التقرير بشكل خاص على التمييز الجنسي ضد النساء والفتيات والتمييز العرقي والطائفي ضد الشيعة الهزارة وعدد آخر من الأقليات العرقية والمذهبية في أفغانستان.
ويغطي التقرير أحداث حقوق الانسان في أفغانستان في الفترة الواقعة بين كانون الثاني/يناير حتى آب/أغسطس من العام الجاري، بيد أن مستنداته والأبعاد والقضايا التي تطرق إليها، هي ذات طابع جديد، ولم ترد لحد الان في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية سابقا.
استمرار التمييز وزيادة عدم الثقة والتحريض على الكراهية العرقية
وحذر ريتشارد بينيت في تقريره الجديد من تصاعد منسوب انعدام الثقة والتحريض على الكراهية العرقية في المجتمع الأفغاني إثر الممارسات والسلوكيات التمييزية والعنف القائم على الدوافع العرقية والطائفية.
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الانسان في أفغانستان أن “نحو 41 مليون شخص من ذوي الخلفيات العرقية والطائفية واللغوية المختلفة يعيشون في أفغانستان. إن هذا التنوع الهائل يعني أن أي جماعة لا يمكن لها أن تدعي أنها تمثل البلاد أو مواطنيها.”
وأضاف: “ومع ذلك، فقد فرضت طالبان، شكلا من نظام الحكم، ليس شاملا ولا يمثل الشعب. إن حكم طالبان يهيمن عليه رجال البشتون، وهم من العرقية السنية في معظمهم لا سيما على مستوى كبار المسؤولين.”
وتابع المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الانسان في أفغانستان في تقريره أن طالبان تزعم أنها قد زادت من الوحدة في البلاد، غير أن المجموعات العرقية والطائفية واللغوية خارج دائرة عرق ومذهب طالبان، ما زالت تواجه “التمييز والطرد والتهميش” كما أن “النساء والفتيات ضمن هذه المجموعات، يواجهن أشكالا شديدة من التمييز.”
وقال ريتشارد بينيت في تقريره أنه على الرغم من أن التمييز والتعصب على أساس العرق والمذهب، كانا موجودين قبل هيمنة طالبان على أفغانستان، بيد أن ثمة مزاعم معتمدة وقديمة حول ارتكاب جرائم جادة ضد المجموعات المحمية على أساس العرق/أو المذهب لا سيما ضد عرقية الهزارة.
وأضاف أن نماذج التمييز وخرق حقوق الأقليات في أفغانستان قد اشتدت في عهد طالبان، وأدت إلى إيجاد أحكام تجاه بعض الأعراق على أساس دعمها أو معارضتها لطالبان.
وأوضح أنه “قلق من تفشي المشاعر المناهضة للبشتون وكذلك تزايد التصعيد وعدم الثقة بين المجتمعات.”
العنف الجنسي واستمرار العنف ضد الشيعة
وتناول مقرر الأمم المتحدة الخاص في جانب من تقريره “العنف الجنسي” ضد النساء والفتيات على يد طالبان واستمرار العنف والتهديد ضد الشيعة الهزارة. وقال أنه تم تسجيل حالات من “الاعتداء الجنسي” و “التحرش الجنسي” ضد النساء والفتيات.
وأضاف أن النساء والفتيات اللواتي احتججن على أوامر طالبان، لا سيما خلال حملة الاعتقالات الواسعة في كانون الثاني/يناير 2024 بتهمة “الحجاب الناقص”، تعرضن لـ “الاعتداء” والتحرش الجنسي والإيذاء الكلامي الجنسي من قبل طالبان.
وكان مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الانسان في أفغانستان قد قال في وقت سابق في تقرير آخر له أن طالبان ألقت القبض خلال حملة الاعتقالات على الفتيات من المناطق الشيعية غربي كابل ومناطق الطاجيك شمالي كابل، وهو ما يعد مثالا للتصرف التمييزي والتعنت العرقي لطالبان.
وقال ريتشارد بينيت في هذا التقرير أن الجماعات الطائفية الأفغانية، لا سيما الشيعة الهزارة يواجهون طوال الوقت، التهديد والعنف المستمرين من قبل مجموعات بما فيها داعش خراسان وقيودا على حقوقهم وحرياتهم من قبل طالبان.
ووثق في تقريره، هجمات داعش ضد الشيعة الهزارة في كابل وهرات وباميان وبغلان وقال أن التهديدات التي تطلقها هذه المجموعة ضد الهزارة ما زالت مستمرة.
كما وثق القيود التي تضعها طالبان ضد الشيعة الهزارة بما فيها القيود على إقامة المراسم الدينية وسحب الكتب المتعلقة بالشيعة من المكتبات وممارسة العنف أثناء البت في الدعاوى الحقوقية المتعلقة بالشيعة الهزارة من قبل طالبان.
وحذر من مغبة تداعيات هذا النوع من أعمال العنف والتمييز وقال أن ذلك يؤدي إلى نبذ وتهميش هذه الجماعة العرقية والمذهبية.
وتكشف الموضوعات التي سلط هذا التقرير الضوء عليها، أبعادا جديدة من تداعيات التمييز والتعنت العرق والطائفي واللغوي في أفغانستان، وتظهر أنه مع مضي كل يوم من سلطة طالبان، تتعمق الهوة بين الأعراق والمجموعات الاجتماعية المختلفة في أفغانستان، وتتضاءل الآمال بتحقيق التضامن الاجتماعي والوحدة الوطنية أكثر فاكثر.
انتهى
التعليقات