محمد مغربي يكتب: النصب بالذكاء الاصطناعي.. احذروا فخ المحتالين – كتاب الرأي

وكان السؤال الذي تبادر إلى ذهني هو: ماذا سيحدث لو جلس جليل البنداري اليوم لكتابة سيناريو فيلم “العتبة الخضراء” الذي قدمه للسينما عام 1959؟ هل سأحتاج إلى مكتب حيث يكون أحمد مظهر؟ هل سيجلس لينشر شبكته حول الضحية؟ هل يمكن استخدام صباح كوجه أنثوي قادر على جذب الهدف؟ فهل ستكون هناك أدوار لمحمد صبيح وآخرين ليلعبوا دور الموظفين ليرويوا القصة ويقنعوا «الأحمق»؟ ؟

والحقيقة أن خليل البنداري لن يحتاج إلى ملء المسرح بعبارات كثيرة، ولن يرتبك مخرج المسرحية فطين عبد الوهاب عندما يتعلق الأمر باختيار الممثلين واختيار مواقع الكاميرا التي سيتم استخدامها. . التنقل بين ميدان العتبة ومكتب أحمد مظهر في عصر الذكاء الاصطناعي أصبحت الأمور أبسط من ذلك، ولم يعد النصب ضروريا. فهو يتطلب فقط الأجهزة المتقدمة التي تخدم غرضه.

وهذا ما تؤكده حوادث الاحتيال التي شهدتها الأشهر الأخيرة، والتي استخدمت فيها تقنية “النسخ الصوتي” المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لإغراء الضحايا الذين وقعوا في هذا الفخ. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، تمكن أحد اللصوص من استخدامه. صوت الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الإماراتية، وسأل أحد موظفي البنك: تحويلات مالية بملايين الدولارات إلى حسابات وهمية تزيد قيمتها عن 35 مليون دولار بسبب دقة تطابق الصوت المزيف مع الصوت الأصلي.

ولا يقتصر الأمر على هذا، حيث يقوم الكثير من اللصوص بتقليد صوت المديرين التنفيذيين للشركات الاستثمارية لإقناع موظفي الشركة بتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى حسابات خارجية غير معروفة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك شركة إحدى شركات الاستثمار الأوروبية. تعرض لعملية احتيال بملايين الدولارات، بعد أن تلقى مدير الحساب مكالمة بصوت مطابق لصوت الرئيس التنفيذي يكرر نفس اللعبة.

كما أن من أبرز مظاهر الاحتيال عبر الذكاء الاصطناعي، ما عرف بمكالمات “الجد والجدة”، وهي عملية احتيال تستهدف كبار السن، ويتم استخدام الصوت المقلد لأحد أفراد العائلة، مثل الحفيد. . لإقناع الجد أو الجدة بأنهما في أزمة وبحاجة ماسة إلى المال، تزايدت في الآونة الأخيرة حوادث قيام المجرمين باستخدام التأثير العاطفي لتحقيق هدفهم. الأمر نفسه ينطبق على عملية احتيال “الشركات الصغيرة”. حيث يتم استخدام الأصوات المقلدة لتقديم طلبات عاجلة تتضمن شراء معدات أو خدمات، مع الوعد بتحويل الأموال لاحقاً. تخسر العديد من الشركات مبالغ مالية تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات.

ويبقى النوع الأخير وهو الاحتيال على شركات الخدمات القانونية، حيث يتم استخدام صوت مقلد للعميل لإجراء مكالمات لمكاتب المحاماة وطلب خدمات قانونية عاجلة مع وعود بدفع الرسوم لاحقا. غش وخسر الكثير من المال.

هذه الحقائق على اختلاف أنواعها هي التي دفعت وكالة التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (FBI) إلى تكثيف تنبيهاتها بشأن هذه العمليات الاحتيالية المتطورة، والكشف عن كيفية تنفيذها ومن خلال أي تكنولوجيا، على أمل أن يساهم ذلك في الحد منها. . أو تحذير الضحايا.

وبشكل عام، فإن تجنب الوقوع ضحية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في نسخ الصوت يتطلب سلسلة من الاحتياطات، أولها التأكد من الهوية عبر القنوات المختلفة. في حال تلقيت اتصالاً من أحد الأشخاص يطلب تحويلات مالية عاجلة فمن الأفضل القيام بذلك. التحقق من هوية المتصل من خلال التواصل معه عبر القنوات الأخرى مثل “البريد الإلكتروني، مكالمة إلى هاتف آخر”، مما يساعد على التحقق من صحة الطلب.

تعد المصادقة المتعددة والثنائية أيضًا طريقة وقائية، حيث تعتمد على إضافة طبقة إضافية من الأمان للمستخدمين الذين يقومون بإدخال رمز أو تأكيد إضافي عند إجراء معاملات مالية أو الوصول إلى حسابات حساسة. وهذا يحسن إجراءات السلامة. تدريب وتوعية الموظفين حول كيفية اكتشاف وتجنب الاحتيال، وخاصة تلك التي تنطوي على طلبات مالية عاجلة، ويمكن تقديم دورات تدريبية حول أساليب الهندسة الاجتماعية وتقنيات الاحتيال الحديثة.

وتشمل قائمة إجراءات الوقاية أيضًا اعتماد بعض الشركات، خاصة الكبيرة منها، على تقنيات متقدمة للكشف عن الأصوات المزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهي أدوات يمكنها تحليل نبرة الصوت والكشف عن الأصوات المزيفة، بالإضافة إلى تقليل المعلومات الشخصية المتاحة علانية. حيث يقوم المحتالون بالتحقيق مع الضحايا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ويبقى الإجراء الأخير هو التحقق المسبق من المعاملات المالية الكبيرة، وفرض بروتوكولات داخل المؤسسات، والتي تتطلب موافقات متعددة أو وقت للتحقق قبل إجراء أي تحويل مالي كبير، مما يوفر فرصة. لكشف العمليات الاحتيالية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *